بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وأُصلي وأُسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد اتصل بي غير واحد يسألني هل تراجعت عن تحزيب عبد الرحمن العدني وأصحابه ؟
وقد رأيت ورقة في الشبكة التابعة لهم مفادُها تراجعي عن تحزيب من ذُكِر .
والجواب : أنَّ تحزيبي لمن ذُكِرَ أَعلاه ـ هداهم الله ـ لم يكن بهوى ولا تقليداً لأَحد , وإنَّما لما ظهر منهم من علامات الحزبية:
العلامة الأولى:ما قاموا به من تسجيل طلبة العلم في دار الحديث بدماج وخارجِها واستقطاب من أرادوا استقطابه ليكونوا في مركزهم ألذي أَرادوه قبل أن لم يكن وصحب ذلك التسجيل والتكتيل تزهيدٌ في شيخ الدار بل تحذير وتنفير وتثوير عليه , وعلى من أَنكر عليهم فتنتهم , بل لم يسلم من غبار فتنتهم بعض من لم يطاوعهم على صنيعهم ذلك , ومن المعلوم أَنَّ الذي يجده أَهل السنة السلفيون من اهلِ الأَهواء والبدع نحو ما سبق أو دونه , ومن المسلَّمات عند أهلِ السنه والجماعة علماء وطلبةِ علم وربما عوام أَنَّ علامة أَهل الأهواء الواقيعة في أَهلِ السنة أهلِ الأَثر كما قاله أَو نحوه أَبوحا تم وأَبو زرعة وأبو عثمان الصابوني وغيرهم رحمهم الله بل قال بعضهم من تكلم في حماد يعني ابن سلمه ـ وكان إماماً في السنة ـ فاتهمه على الإِسلام. ولا يخفي مَا صَدَرَ من عبد الرحمن العدني وأَكد ذلك بيمين بأنه لا يعلم منذ طلب العلم أَشد كذباً ولا فجوراً من شيخنا يحيى ,وهكذا ما صدر من عبيدٍ الجابري من طعن وثلب بغير حق لشيخنا يحيى , ومن التحذير والتنفير عن دار الحديث بدماج التي ملأَ خيرُها العالم ـ ولله الحمد والمنة ـ ومما قاله أَنَّ من كان في الدار وجب عليه أَنْ يخرج منها , ومن كان خارجها لا يرحلُ إِليها , وكأنَّ الألوف الموجودين في دار الحديث بدماج من اليمن ومن خارجها اجتمعوا على سحرٍ وشعوذةٍ ـ والعياذ بالله ـ لا على علم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما يخدمهما من علوم الآلة .
ولا يخفى أَيضاً ما صدر من الوصابي هداه الله من تكذيبٍ لشيخنا يحي حفظه الله , ومن تبديع والإشارة بالتكفير له ولمن انكر فتنة العدني وأَصحابه. قد يقول قائل وأَنتم أَيضاً لم تُسْلِمُوا عبدالرحمن وأصحابَهُ ومن تعصب لهم من كلام.
فالجواب:
أولاً أَنَّ ما قاموا به من الثور ة والفتنة علينا وعلى دارنا ودار المسلمين منكرٌ , وَجَبَ إنكارُه , وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده , فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلموإنكار هذه الثورة والفتنة سبب لسلامة ذلك الخير , وبقائه , بإذن الله , ونجاةٌ لمن أراد الله نجاته , قال الله تعالى(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)الأعرف (165)
وفي حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا )رواه البخاري
ثانياًأَنَّ شيخنا يحيى حفظه الله وطلابَه وإخوانَه لم يبدأهم بالكلام , وإنما كان كلامُهم من باب دفعِ الصائل والباغي , والله يقول (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل (126)ويقول تعالى (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) الحج(61)ثالثاً :الكلامُ المضبوطُ بالأدلةِ الشرعيةِ والحقائقِ العلميةِ وردُّ خطأ المخطئ يقْبَلُ , ولا يُتَنَكَّرْ لقائِله
رابعاً :الذي لا يتقي الشبهات لا يبرأ دينُه ولا عرضُه من القدح والثلب , ويكون قد وقع في الحرام , فكيف بمن يرتكبُ الحرام البيِّن
وفي حديث أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما ، قَالَ: سَمِعْترَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقْد اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَّا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَّا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ).رَوَاهُ الْبُخَارِي ومسلمالعلامة الثانيةُعلى تحزيب عبد الرحمن العدني وأصحابِه أَنَّ ما أحدثوه من الأقوال والأفعال المخالفة(1)للحقِّ , من تحذيرهم عن دار الحديث بدماج وشيخها وطلابها ومحبيها الذين أَ نكروا فتنة هؤلاء البغاة ، فهم في صنيعهم ذلك يعتقدون أَنهم مصيبون , ويتواصون بذلك , ويتعبدون لله بذلك , وهذا نوعٌ من الابتداع كون الإنسان يعمد إلى بعض المخالفات الشرعية ويتعبدُ لله بها ,كما بيَّن ذلك شيخُ الإسلام ابن تيمية والشاطبي رحمهما الله , أو انَّ الإنسان يعمد إلى شيء مباح فيتعبد لله به .
العلامة الثالثة :الولاءُ والبراءُ الضَّيِّق , فمن كان معهم على ثورتهم , وفتنتهم , قربوه , وأَثنوا عليه , وسكتوا عن أَخطائه , ومن لم يكن معهم على ذلك الشأَن , أبعدوه وحذَّروا منه , وتكلفوا التشويه به , ولو بالكذب والمجازفات .
العلامةُ الرابعةُأنَّ هذه الفتنة لم تدخل بلداً إلَّا وانقسم أَصحاب تلك البلد على أَنفسهم , ومن المعلوم أَنَّ9 السنة مقرونةٌ بالاجتماع , فيقال أهل السنةِ والجماعةِ , والبدعةُ مقرونةٌ بالفرقةِ , فيقال : أهل البدعة والفرقة , ومن المعلوم أيضاً أنَّ البدع تتفاوت عند أهل العلم , صغرى وكبرى , ومما يؤكد انحراف هؤلاء القوم , أَنَّ من مال إِليهم , أو تعصب لهم , صار قلبه مملوءًا , وصدره حرجاً على إخوانه , لا يرى ما أَبرزوه من البراهين والحقائق العلمية والقواعد السلفية شيئاً , متجاهلاً آثار فتنتهم ولو لم يكن من فتنتهم إلاَّ الصدَّ والتحذير من دار الحديث السلفيةِ بدماج , بل انضاف من البعض دفاعٌ عن هؤلاء القوم , فأوقعه ذلك في تأصيلات وتقعيدات فاسدة . بل حصلت مجاوزات ومجازفات من كثير منهم , فرموا من أَنكر هذه الفتنة على أَصحابها , بالابتداع والغلو , وبعضهم أَشار بالتكفير , وبعضهم وصف شيخنا يحي بأنَّه لا أضرَّ في الدنيا على الدعوة السلفية منه(2),
وبعضهم قال بأنَّ طريقته تضرُّ الدعوة , وهذه الأحكام والأقوال غيرُ مقبولةٍ ؛ لأنَّ أصحابها لم يسندوها بدليل, وفي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ )متفق عليه ,وعند البيهقي( وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ) ,
وتلك الأحكام والأقوال إن لم تضر أصحابَها في الدنيا فستضرهم في الآخرةِ , على أَنَّها قد أَضرتهم في الدنيا مع الأسف , فا نقبض كثيرٌ من الصالحين منهم , ومن كان له دعوةٌ نرى أَنَّها تُنْقَصُ من أَطرافِها , والضَّعفُ في جانبهم ظاهر , وهم السبب في ذلك ؛ لأَنَّهم لم يقبلوا من إخوانهم الحقَّ الذي أبرزوه في هذه الفتنة,والله تعالى يقول( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات(6)ومفهوم المخالفة أَنَّ العدل إذا جاء بنبإٍ يقبل , وياليتهم اكتفوا بذلك , بل اسندوا وأَعانوا هؤلاء الذين قاموا بالفتنة علينا وعلى دارنا , فكان أَحدُهم إذا طُرِدَ من دماج بسبب إِصراره على فتنته وثورته , تلقَّفه الإمام في مركزه , ثم وقَّعوا على بناء مركزهم , وكان الاتفاق أَنَّ ذلك لا يكون إلا بعد توقيع سائر المشايخ , بما فيهم شيخنا يحيى , ثم بعد بناء المركز كانت الباصات تُحمِّل من الحديدة ومعبر إلى الفيوش ,
ثم ألف الشيخ الإمام كتاب الإبانة وقدَّم له من قدم مشيدين به وبما فيه, ووقع لصاحبه فيه تأصيلات وتقعيدات فاسدةٌ , كما هو مبين في الردود عليه.ثم ابتلينا للمرةِ الثانيةِ ببغي الرافضةِ الحوثيين علينا وعلى دارنا وديارنا , فدفعنا عن أَنفسنا , فنصر الله عباده , وأعزَّ جنده , وهزم أعداءه وأعداءنا وحده لا شريك له , وأكرم الله من شاء بالشَّهادة , والنصرة بالنفس والمال , والتحريض على قتال الرافضة البغاة , جزى الله الجميع خيراً وشكر لهم. ثم طمعنا في قرب البعيد ورجونا خير من يرجى خيره , ويُؤمنُ شرُّه , ففوجئنا بانفجار محمد بن عبدالوهاب ثم الشيخ ربيع ثم الإمام بذلك الكلام الذي قد عُلِمَ وَبُيِّنَ ما فيه ، والله المستعان , ولهُ الحكم , يقصُّ الحقَّ , وهو خير الفاصلين ,قال تعالى ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ _(57)ا لأنعامكتبه
جميل بن عبده بن قايد الصلوي
بمركز أهل السنة والجماعة بوايلة
تاريخ جمادى الآخرة لعام 1434
هذا قبل 12 سنة